ملكة جمال تينيسي، إعلامية، ممثلة، كاتبة، منتجة تلفزيونية، سيدة أعمال ناجحة، مضيفة برنامج “علّم الناس مساعدة أنفسهم” عبر مبدأ الـ Self Help، فاعلة خير، ملكة البرامج الحوارية، أول مليارديرة عصامية من أصول أفريقية في أميركا، صديقة النجوم والمشاهير كلها من بعض صفات الإعلامية الأشهر في العالم أوبرا وينفري.
أوبرا وينفري صاحبة الأسم الأنثوي الأكثر تأثيراً، إحدى أقوى نساء العالم، والتي لم تسعَ يوماً إلى إسدال الستار على طفولتها البائسة القاسية والمشتتة وحياتها الصعبة، متغلبه بذلك علي ما يسمى بعُقده الماضي.
ولدت في 29 يناير عام 1954 بولاية الميسيسبي في الولايات المتحدة لأسرة شديدة الفقر، لمراهقين لم يتزوّجا، ولم يعيشا قصة حبّ، بل آلتقيا مرة واحدة، وأقاما علاقة جنسيّة، ثمّ انفصلا، والدها كان حلاقاً بالإضافة إلى عمله ببعض الاعمال التجارية الصغيرة، والدتها Vernon Winfrey كانت تعمل في خدمة البيوت.
طفولة مأساوية
عاشت أوبرا طفولتها في عائلة فقيرة جداً، وتربّت مع جدّها وجدتها في الميسيسيبي، حتى أصبحت في السادسة من عمرها، وكانت ترتدي أثوابًا مصنوعة من أجولة البطاطس؛ مما كان يعرضها لسخرية الأطفال من سنها.
وبعد دخولها روضة الأطفال، رأت مدرسّة أوبرا أنها لا تُشبه باقي الأطفال، ولا تنتمي إلى بيئتهم، فطلبت من المدير نقلها إلى الصف الأوّل، لأنّ نسبة ذكائها تؤهلها للحلول في صف الروضة الأولى.
وفي مدرستها حصلت على لقب الطالبة الأكثر شعبية، نظراً إلى علاقتها الجيّدة بجميع الأساتذة والتلاميذ والزملاء، كانت في هذه الفترة من أكبر المعجبات بالنجم العالمي مايكل جاكسون، وكانت تشجّع دائماً على حضور حفلاته الغنائية، بالرغم من وضعها الماديّ السيئ.
وعندما بلغت الثانية عشر من عمرها أنتقلت للعيش مع امها، وفي سنّ الرابعة عشر تعرضّت للتحرش الجنسيّ والإغتصاب على يد أحد أقاربها، نتيجة لذلك حملت بطفلها الأوّل والأخير، إلا أنّ مولودها لم يكتب له العيش طويلًا، وتوفي مباشرة بعد ولادته بساعات قليلة، وحُرمت من بعدها نعمة الأطفال.
كان لهذه الأحداث المأساوية تاثيراً مباشراً على حياتها، حيث أدمنت في فترة من حياتها خلال مراهقتها، على تناول الحبوب المخدّرة والمهلوسة، وتطوّر بها الأمر إلى حدّ تعاطي الهيرويين والكوكايين.
أرادت والدتها التى فقدت السيطرة عليها، وعلى تصرفاتها الخارجة عن الحدود حينها، أن تتخلص من مسئوليتها بإرسالها الى أحدى دور الرعاية، فأُرسلتها إلى مركز لإعادة تأهيل الأحداث، ولكن لحسن حظ اوبرا لم يتوفر لها مكان.
تفوق ونبوغ
قررت والدتها أن ترسلها للعيش مع والدها رجل الأعمال في ناشفيل، ,الذي قام بتعليمها و تأديبها تأديبًا صارمًا، وتحت قبضته الحديدية تغيرت حياة أوبرا، وتنقلت ما بين منازل والدها وجدتها وأقربائهما، وعلى الرغم من عائلتها المفككة والظروف الإقتصادية والإجتماعية الطاحنة، قررت أن تستمر في تعليمها رغم كل الصعوبات والعراقيل التي واجهتها، فتخرجّت من جامعة Tennessee.
وتمكنت من التفوق والنبوغ في دراستها على جميع زملائها، إلى أن أصبحت من أوائل الطلاب الأمريكيين ذوي الأصل الأفريقي، الذين يدرسون في جامعة الولاية من خلال منحة تعليمية، لتحصل على بكالوريوس في الفنون المسرحية.
كما حازت أثناء دراستها على لقب ملكة جمال تينيسي، لتجذب إليها الأنظار، ويسند إليها العمل كمراسله في محطة إذاعية محلية WVOL. ليبدأ مشوارها الإعلامي وحياتها المهنية وهي في سن السابعة عشر، حينما دخلت إلى الإذاعة
وبعد ذلك وهي في عمر التاسعة عشر أنتقلت للعمل في تلفزيون ناشيفيل، وقيل حينها إنها أصغر مذيعة في تاريخ المحطة، عانت من الفشل في أوّل مسيرتها، وتعرضت للفصل من النشرة بعد أن خرج منتج الأخبار عن طوره، لأنها تُصبح عاطفيّة عند نقل الأخبار كمراسلة إخباريّة في النشرة المسائيّة، وعرض عليها دوراً في برنامج نهاريّ.
عام 1982، كانت تشارك في تقديم الأخبار للتلفزيون المحلي في بالتيمور، ماريلاند، ومن ثم أعجب بها المسؤولون في محطة “دبليو إل إس” في شيكاغو، والتى تعد ثالث أكبر مدينة إعلامية في أمريكا، وطلبوا منها الحضور للقيام بتجربة الأداء لبرنامج طبخ.
ومع أنها لم تكن تعرف أي شيء عن الطبخ والوصفات، إلا أن هذا لم يصدها، وكان من الطبيعي أن تشعر بالخوف من قبول عمل غير مألوف بالنسبة لها، لكنها تخطت ذلك عن طريق قدرتها الدائمة على مواجهة مخاوفها.
ثم ذهبت لقناة “أيه بي سي” العالمية؛ لتعرض عليهم تبني برنامج طبخ خاص بها، غير أنهم رفضوا، ففي تلك اللحظة شعرت بالإستياء الشديد، ولكنها لم تدع ذلك يعيق تقدم حياتها، حيث أنها لم تسمح لأحد بتصغير حلمها.
سطوع نجم أوبرا
بحلول عام 1985 كانت خطوات أوبرا تتجه نحو أن تصبح ممثلة، وذلك بعد أن شاركت في دور رئيسي في فيلم المخرج الكبير “ستيفن سبيلبيرج” “اللون الأرجواني” الذي رُشّح لتسع جوائز أوسكار، وبعدها نالت أوبرا العديد من العروض السينمائية والتلفزيونية.
انقلبت حياتها حقاً رأساً على عقب بعد أن بدأت عام 89 تقديم “أوبرا شو” البرنامج الأشهر على مستوى العالم، وهو برنامج يومي بدأ بتسليط الضوء على القضايا الإجتماعية التي تهم المجتمع الأمريكي، وحقق نجاحاً استثنائياً بفضل الحضور الطاغي لمقدمته وطريقة حوارها، لتصبح نموذجاً إعلامياً هاماً على مستوى العالم.
وفي أوائل التسعينات تحولت جميع البرامج الحوارية لتقديم مضمونًا تافهًا بإستثناء برنامج أوبرا حيث زادت شهرة البرنامج ،وتحول مع الوقت كجزء أصيل من الثقافة الشعبية الأمريكية، ويتصل بكل تفاصيل حياتهم، لتصوّر أوبرا عدة حلقات تاريخية مع نجوم ورموز المجتمع الأمريكي.
وازدادت بمرور الوقت شهرتها لتصبح عالمية، ويعرض برنامجها في أكثر من 100 دولة على مستوى العالم، فأنشئت بعد ذلك شركة انتاج خاصة بها تسمي (هاربو)، وإستديو في شيكاغو؛ لتصبح بذلك ثالث امرأه تملك شركة إنتاج، وتصدر مؤسستها مجلة “أوبرا”، وكانت في طريقها لتصبح اول بليونيرة من أصول أفريقية، فقد قدرت ثروتها بحوالي 97 مليون في عام 1996 فقط.
ومنذ عام 1995 لم تخلُ قائمة لمجلة فوربس الاقتصادية لأكثر 400 أمريكي ثراءاً من اسمها، وأعتلت القائمة ثلاث سنوات متتالية هي 2004 و2005 و2006 ومن أكثر الشخصيات تأثيرًا في العالم، وبلغ دخلها السنوي 225 مليون دولار، وأصبحت أول بليونيرة سمراء في العالم؛ إذ تقدر ثروتها بـ2.5 بليون دولار.
استقطب برنامج “أوبرا شو” الملايين من حول العالم، وحققت من خلاله ثروة كبيرة، وبات الأعلى من حيث نسبة المشاهدة في تاريخ التلفزيون، وحصلت على جوائز”إيمي”، بالإضافة إلى أنها ناقدة أدبية مرموقة وناشرة صحفية، مما جعلها ثاني أكثر الشخصيات تأثيراً في العالم حسب مجلة فوريس عام 2005، عوضاً عن كونها واحدة من أغناهم أيضاً، وهي اليوم تملك طائرة خاصة.
وقدمت أوبرا آخر حلقات برنامجها في الخامس والعشرون من مايو 2011، بعد أن اتخذت قرار الإعتزال بشكل نهائي، والتفرغ ﻹدارة شبكة القنوات الفضائية الخاصة بها OWN.
مسيرة إنسانية حافلة
عانت أوبرا طوال حياتها من زيادة وزنها، وشكّل لها هذا الأمر عقدة، لأنها لم تكن راضية عن شكلها بتاتاً، ولا يعرف عنها أنها تزوجت، ولكن في عام 1986، عاشت علاقة حبّ مع الكاتب ورجل الأعمال ستدمان غراهام، ثمّ أعلنا خطوبتهما، واتفقا على الزواج في الـ1992.
إلا أنّ هذا الزواج لم يتمّ، وخلال عملها في Baltimore، وقعت أوبرا في غرام رجل متزوج، واستمرّت علاقتها به 4 سنوات، لكنّها رفضت الكشف عن هويته أو إسمه.
انتقال أوبرا وينفري من حياة الفقر والشقاء إلى حياة الشهرة والرفاهية لم يغيّرها، فرغم تصدرها قائمة النجوم الأكثر نفوذاً في العالم، فهي تُعد من أكثر الشخصيات الإنسانية حول العالم، حيث إنها أسّست العديد من الجمعيات الخيرية، وتتبرّع بشكل مستمرّ للفقراء والمحتاجين.
يصعب إختصار مسيرة أوبرا الحافلة بكلمات أو حتى بصفحات، كما يصعب غض النظر عن إنجازاتها وبصماتها الواضحة في المجتمع الأميركي والعالمي، عبر إتخاذها الحد من أوجاع الإنسان هدفاً نبيلًا لبرنامجها الشهير، الذي أستمر بنجاح على مدى 27 عاماً.
وقد صُدم العالم كله مؤخرًا، وهلع مُحبي أوبرا حول العالم، وسيطرت عليهم حالة من الحزن، عقب شيوع خبر إصابتها بورم سرطاني متقدم في المرحلة الرابعة، أكتشفه الأطباء المعالجين لها بعد فحص روتيني اعتيادي، وقد لا يبقى في حياتها سوى أيام أوشهور معدودة، حسب ما ذكره موقع omojuwa البريطاني.
فأنهالت الدعوات لها بالشفاء عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، فسارعت المذيعة الأمريكية الشهيرة Oprah، بالتعليق على انتشار نبأ إصابتها بمرحلة متأخرة من مرض السرطان، وطمأنت معجبيها بأنها في حالة صحية مستقرة، وأنها لازالت قوية.
كتبت عبر حسابها الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: « ما زلت قوية، لا أعرف نقاط ضعف بداخلي»، وأشارت إلى أنها حكيمة، لكنها «حمقاء»، وإنها كثيراً ما تضحك لأنها عرفت معنى الحزن، إلا أن بعض المصادر الأخرى أشارت بعد ذلك أن مرضها بالسرطان ليس حقيقياً وماهي إلا شائعة.
قصة نجاح آوبرا هي مثال حي للحث على دحض المتاعب واليأس، فمثل تلك الشخصيات خرجت من داخل الألم والعيشة السيئة؛ لتظهر بين مجتمعها بمثال لا نظير له، وأمثال هؤلاء لا يموتون بل يخلدهم التاريخ بحروف مضيئة، فالإنسان حينَ يريدُ الحياة، و يسعى أن يكون كما يُحب سيتحدى كل ما يعيقه من ظروف سواء كانت طفولةٍ أليمةٍ عاشها، أو مجتمع ينظر لهبـ نظرة دونية، أو مرض عُضال يواجهه.
من أقوال أوبرا وينفري التي تعكس فلسفتها في الحياة:
– أنا متأكدة أن ما نصر عليه هو ما نصبحه.
– كلما أحتفلت بحياتك أكثر، كلما منحتك الحياة أشياء جديدة تحتفل من أجلها.
– عندما تتبلور معرفتك بنفسك، ستكون أكثر قدرة على معرفة ما هو الأفضل لك .
– اجعل من حولك فقط الاشخاص الذين من الممكن ان يرفعوك الى اعلى وتخلص من الباقين.
– الصراع الذي مررت به في حياتي علّمني التعاطف، فأنا أتفهّم الألم، الهجران، وان يكون المرء غير محبوب
– لا اعتبر نفسي فتاة فقيرة صعدت للشهرة. أرى نفسي شخصاً عرف منذ طفولته انه مسؤول عن نفسه لذا عليه أن ينجح.
– النجاح المادي يزودك بالقدرة على التركيز على الأمور المهمة فعلاً، ومنها أن تكون قادراً على إحداث الفرق ليس في حياتك وحسب بل في حياة الآخرين.
كوادر
•أوبرا وينفري إحدى أقوى نساء العالم، لم تسعَ يوماً إلى إسدال الستار على طفولتها البائسة القاسية وحياتها الصعبة
•تفوق أوبرا ونبوغها جعلها من أوائل الأمريكيين ذوي الأصل الأفريقي، الذين التحقوا بالجامعة بمنحة تعليمية
•منذ 1995 لم تخلُ قائمة فوربس الاقتصادية لأكثر 400 أمريكي ثراءاً من اسمها، وأعتلتها ثلاث سنوات متتالية
•يبلغ دخلها السنوي 225 مليون دولار، وهي أول بليونيرة سمراء في العالم؛ إذ تقدر ثروتها بـ2.5 بليون دولار