تأخذ قضية إدارة الثروات أهمية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط والخليج، وغني عن القول أن إدارة الثروات صناعة مصرفية ومالية تقوم بها مؤسسات عريقة تضم خبرات مصرفية وسوقية تمرست طويلاً في فنون تنمية الثروات وتحقيق عوائد موثوقة ومؤكدة لعملائها.
ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن هذا القطاع كان مثار جدل في أسواق الخليج، قبل عقد أو أكثر من الزمن، عندما كان سماسرة ووسطاء وتجار شنطة يدورون على رجال الأعمال وأصحاب الشركات العائلية في المنطقة ويجمعون مئات الملايين من الدولارات لم يُحافظ على معظمها في أكثر الحالات. ونتج عن ذلك خسارات محققة.
لم يعد الأمر كما من قبل فنحن اليوم في عالم شفاف ولدينا رجال أعمال وشركات عائلية تضاهي مثيلاتها الأجنبية، ولدينا من الخبرات والشركات الوطنية ما يكفي وينافس ما تقوم به أفضل المؤسسات المالية العالمية، في هذا اللقاء سوف نعرض لتجربة واحدة من أهم الشركات الوطنية التي تعمل في مجال الصكوك وإدارة الثروات، وحققت خلال فترة ليست طويلة نجاحات كبيرة واكتسبت ثقة قطاع الأعمال والأفراد في دولة الإمارات العربية المتحدة.
في هذا الحديث مع رئيس قسم الشركات وإدارة الثروات في شركة الصكوك الوطنية محمد صلاح، نلقي الضوء على تجربة الصكوك الوطنية ونظرتها لموضوع إدارة الثروات في المنطقة والعالم.
نتحدث في البداية حول العلاقة بين الادخار من خلال الصكوك وبين إدارة الثروات، وكيف ترى شركة الصكوك الوطنية دورها في هذا المجال؟ وماهي المعايير التي تتخذ عند اتخاذ أي قرار استثماري، يقول صلاح:” منذ تأسيس شركة الصكوك الوطنية وهي تلتزم معايير معينة عند اتخاذ أي قرار استثماري أو صياغة البرامج الادخارية والاستثمارية والتعامل مع العملاء، وأول هذه المعايير هو الحفاظ على مسيرة التنمية وتوظيف الناتج المحلي الوطني والشخصي في تغذيتها وتعزيز عوامل استمرارها والحفاظ على اقتصاد قوي متنوع الموارد لا يتأثر بالأزمات العالمية.
هذه المعايير تختلف في جوهرها عن المعايير التقليدية الدارجة في سوق الاستثمار وهي انتهاز الفرص التي قد تحقق أرباحاً عبر تشغيل رأس المال سواء في الإنتاج أو المضاربة بغض النظر عن حجم المخاطر أو مدى مساهمة هذا الاستثمار في التنمية الاقتصادية وتعزيز البنية الاجتماعية للدولة. من هذه الزاوية نرى دورنا في إدارة الثروات كشركة وطنية تكافح ثقافة الاستهلاك والمغامرات المالية غير مضمونة النتائج وتعزز ثقافة الادخار والإنتاج على المستويين الشخصي والعام”.
حلول متوافقة مع الشريعة
من الواضح أن نظرة الصكوك الوطنية لموضوع إدارة الثروة يهدف إلى تنمية الأموال والحفاظ عليها حتى تسهم في عملية التنمية المحلية، بعيداً عن مفهوم الربح السريع الذي ينطوي على مخاطر، تلك النظرة التي تحمل حرصاً على عملاء الشركة وتحقيق عوائد مضمونة ومستقرة لعملائها وربما من هنا جاءت فكرة الصكوك ومفهوم الصكوك الوطنية يزيد صلاح بالقول:”
“إن دعوتنا إلى استثمار الأموال من خلال شراء الصكوك تهدف إلى تحقيق أهداف عامة على مستوى مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دولة الإمارات. فشركة الصكوك الوطنية تتولى إدارة ثروات المستثمرين من خلال توظيف أموالهم في نشاطاتها الاستثمارية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية. هذا الدور هو في المحصلة النهائية عملية إدارة لثروات البلد بشكل صحي وسليم وقليل المخاطر، لذا فمفهوم إدارة الثروات ليس بالبعيد عن مفهوم الادخار من خلال الصكوك بل يعتبر مفهوماً مكملاً لدورة المال الصحيحة في عجلة التنمية الوطنية”.
وعلى الرغم من المنافسة الشديدة في الأسواق الخليجية بين شركات ومؤسسات مالية عالمية ومحلية على إدارة الثروات في منطقة الشرق الأوسط والخليج بوجه خاص، فإن موضوع المنافسة ظل خاضعاً لسياسة وفلسفة الصكوك الوطنية، ويرى صلاح أن سوق الصكوك وسوق إدارة الثروات توسع في منطقة الخليج بعد الأزمة المالية العالمية واضطرابات الأسواق التي تلتها في أمريكا وأوروبا، فالعديد من البلدان تعاني اليوم من ركود اقتصادي مزمن وضعف في الناتج المحلي وهنا يوضح صلاح أن هذا الواقع الذي عاشته العديد من الدول تسبب في حالة استنزاف للثروات الشخصية والعامة، وهذه الحال دفعت بالعديد من الشركات والمؤسسات والبنوك الى دخول ساحة الشرق الأوسط والخليج التي تشهد نمواً وازدهاراً في حركة الاستثمارات وزيادة الثروات الشخصية مما زاد عدد المنافسين في إطار صناعة إدارة الثروات.
يقول:”هذه الحالة التنافسية ننظر اليها من جانبين، الأول إيجابي كونها ستسهم ومن خلال طرح برامج إدارة الثروات في السوق الإماراتية إلى الترويج لفكرة استثمار الثروة الشخصية بدون مخاطرة، وبالتالي تعزيز ثقافة المساهمة في الحراك الاقتصادي، فهناك حوالي 50% من هذه الثروات موجودة في البنوك على شكل ودائع ولا يستفاد منها في تحريك عجلة اقتصاد الدولة كما يجب أن تفعل.
أما الجانب السلبي فهو الخشية من أن تتحول صناعة إدارة الثروات الى مجرد وسيلة لتحقيق الأرباح لدى الشركات العاملة على أرض الدولة، خصوصاً أننا نشهد الكثير من البرامج والرسائل الإعلامية التي تعد العميل بربح سريع وخيالي. لذا نحن ندعو المواطن الى اختيار الأسلوب الأمثل لاستثمار ثروته بالطريقة التي تحافظ عليها وتنميها وتحافظ على الاقتصاد الوطني وتحميه من التشوهات، خصوصاً أن الذاكرة لم تبرأ بعد من أوجاع الازمة المالية السابقة”.
تنمية الأموال بلا مخاطر
في هذا الإطار فإن الكثير منا يتذكر المغامرات التي قام بها مستثمرون وتسببوا بخسارات كبيرة للعديد من العملاء وزعزعة الثقة في سوق قطاع إدارة الثروات، يقول صلاح :” أدت المغامرات المالية في السابق الى زعزعة الثقة بين العملاء وبين مؤسساتهم ومستشاريهم، وبتنا نشهد عودة تدريجية للتفاعل ما بين المواطن والمؤسسة الاستثمارية، لا نريد لأي شيء أن يعرقل هذا السعي نحو شراكة حقيقية واضحة بين الطرفين، على المؤسسات المالية والبنوك وشركات الاستشارات المالية أن تستفيد من التجربة السابقة وأن تؤسس منذ البداية لأعمال مستدامة بعيدة عن المخاطر الناجمة عن المغامرات المالية”.
من زمن طويل شكلت أسواق الخليج مجالاً خصباً ونشطاً لقطاع إدارة الأصول والثروات، واحتلت دولة الإمارات مرتبة مهمة في هذا المجال،
ويعيد صلاح السبب إلى عدة عوامل ويصنف هذه العوامل على الشكل التالي:
العامل الأول: حجم الثروات الشخصية في دولة الإمارات الذي ينمو بشكل مستارع، حيث وصلت قيمة الثروات الناتجة عن الأصول التراكمية للإمارات إلى نحو تريليون دولار في العام 2012 ومن المتوقع أن تصل إلى 69 .1 تريليون دولار (2 .6 تريليون درهم) في 2022 بحسب تقرير صادر عن اي سي هاريس بعنوان مؤشر الثروات الناتجة عن الأصول التراكمية 2013 .
وبناءً على بيانات التقرير ذاته، سجل نمو الثروات للأفراد في الإمارات المستويات الأعلى بالنسبة للفرد، ومن المتوقع أن يتراوح نمو هذه الثروات ما بين 6% إلى 7% على التوالي خلال السنوات المقبلة، حيث يصل حجم الثروة في الإمارات لكل شخص إلى نحو 125 ألف دولار (459 ألف درهم) .
وإذا أخذنا بمعدلات نمو الناتج المحلي الإماراتي فنستطيع القول بكل ثقة إن حجم الثروات الشخصية سينمو بالمقابل ليتجاوز المعدلات السابقة نظراً الى طبيعة الارتباط الوثيق بين معدل دخل الفرد في الإمارات ومعدل الدخل العام للدولة.
العامل الثاني هو الثقة المتزايدة بالسوق الإماراتية من المستثمرين حول العالم، سواء كانوا أشخاصاً أم شركات ومؤسسات وبنوك. فقد أثبتت السوق الإماراتية خلال السنوات الماضية التي تلت الأزمة المالية، أنها الأقل تأثراً بالتبعيات السلبية للأزمة والأسرع تعافياً ونهضةً. لقد شكلت هذه الحال عامل جذب للاستثمارات الإقليمية والأجنبية، ووضعت الدولة وإمارة دبي في مقدمة الأسواق التي توفر استثمارات آمنة، فقد صنفت الإمارات الأولى إقليمياً و11 عالمياً في مؤشر الثقة للاستثمار الأجنبي المباشر عام 2014 متفوقة على ترتيبها 14 في العام 2013، و15 في 2012، بحسب التقرير الذي أصدرته مجموعة أي تي كيرني. ويمكن القول إن زيادة الثقة في أسواق دولة الإمارات، ستؤدي إلى ارتفاع السيولة الداخلة للسوق، وتعزيز الثقة بتعاملاته، وزيادة عمقه في المدى القريب والبعيد، ومنحه المزيد من القوة.
العامل الثالث هو الثقافة الإماراتية والتي في جوهرها تعكس رغبة الشباب الإماراتي بأن يكون لهم عملهم الخاص، فهم يفضلون إنشاء مشاريعهم الخاصة على الانخراط في سوق التوظيف، هذه الأمر زاد من نسبة الإقبال على الاستعانة بالشركات والمؤسسات التي تقدم الاستشارت والدعم في مجال إدارة الثروات.
اهتمام بفئة الشباب والمرأة
وهنا يجب الإشارة الى أن شركة الصكوك الوطنية تهتم بشكل خاص بفئة الشباب والمرأة وتقدم لهم الدعم اللامحدود للمساعدة في تأسيس وإنجاح مشاريعهم الخاصة، هذا الإهتمام ينبع من رؤية الصكوك لدورها في تمكين الشباب ودعمهم لخدمة البلد وتنشيط اقتصاده. لقد أثبتت العديد من التجارب في دولة الإمارات مدى نجاح المشاريع الخاصة التي يتولى الجيل الشاب أو تتولى النساء إدارتها، لقد لمسنا حماساً كبيراً لدى هاتين الفئتين واستعداداً كبيراً لتولي المسؤولية، ونحن نكافىء هذا الحماس بالمزيد من الدعم وتقديم النصح والإرشاد وكل ما يلزم من أجل إنجاحهم في إدارة مشاريعهم وتنمية ثرواتهم”.
لا شك أن النجاحات التي حققتها الصكوك الوطنية تعود إلى استراتيجية شركة الصكوك الوطنية في إدارة الثروات وتميزها كشركة ذات منتجات وبرامج متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية عن غيرها من الشركات والمؤسسات التقليدية في تعاملها مع مسألة إدارة الثروات.
يقول محمد صلاح:” نحن ننظر الى الثروة الشخصية على أساس كونها عامل تمكين اقتصادي واجتماعي في ذات الوقت، ومن أجل تحرير الثروات الشخصية من جدران الودائع في البنوك علينا أن نحرر عملاءنا من الخوف أولاً، هذا الخوف الذي تراكم خلال السنوات الماضية، لذلك نحن نلتزم بتقديم حلول استثمارية حقيقية من خلال الدعوة الى توظيف الثروات الشخصية في مجالات استثمارية قليلة المخاطر ومستدامة الأرباح، لذلك نحن نضع تجربتنا كشركة وطنية ناجحة بين يدي العملاء لتكون نموذجاً للعمل في مجال الاستثمار. من المعروف أن شركة الصكوك الوطنية تركز استثماراتها في أسواق مستدامة، لذا ليس من المنطق ألاّ ننصح عملاءنا بأن يحذو حذونا في العمل والاستثمار.
كما أن تصنيفنا لخارطة الثروات يساعدنا على استلهام المجال الاستثماري الاكثر ملاءمة للعميل، فنحن لا نصنف الثروات على أساس حجمها بل على أساس المهارات والسلوكيات والاحتياجات بالإضافة الى الثقافات التي تميز خصوصية العملاء، وهذا يساعدنا على تقديم الدعم اللازم واختيار المجال المناسب للعمل. فاختلاف المهارات يعني اختلاف المشاريع ويعني إغناء السوق بأشكال العمل والمنتجات المختلفة الأمر الذي من شأنه أن يحافظ على تنويع مصادر دخل الدولة وتعزيز ناتجها المحلي.
خدمات متنوعة لإدارة الثروة
وكذلك الأمر يأتي تصنيفنا فيما يتعلق بمصدر الثروة التي يراد منا إدارتها.
هناك الثروات الخاصة للعملاء، التي تراكمت نتيجة عمل أو استثمارات في مجالات مختلفة، هنا نحن ننظر الى تاريخ العميل الاستثماري وكيف استطاع تنمية أمواله لنضع يدنا على قدراته ومواهبه ونستطيع تقديم النصيحة والاستشارة اللازمة.
وهناك الأموال التي جاءت على شكل قروض من البنوك، فالكثير من العملاء يقصدون البنك ويأتون بقرض ثم يتوجهون الينا لإدارة هذا المبلغ. في هذه الحال نحن نراعي الكثير من العوامل كي يبقى العميل في مأمن من التخلف عن السداد وبالتالي تراكم الفوائد على المبلغ المقترض، وفي نفس الوقت نتجنب دفعه الى المغامرات التي قد تجعله يجني مبالغ كبيرة في وقت قصير، أو قد تتسبب في خسارته للمبلغ المقترض بحيث يبدأ في تسديده من دخله العادي إذا كان موظفاً.
أما التصنيف الثالث للثروة من حيث مصدرها، فهي تلك الثروات التي جاءت نتيجة التزام العميل بأحد برامج شركة الصكوك الادخارية الاستثمارية، وهذا مصدر تراكمي رائع نحن نشجع عليه ونعتبر إدارة الثروة القادمة من هذا المصدر أحد أهم أولوياتنا في مجال إدارة الثروات، لأنها تحقق الهدف النهائي من الادخار وهو تأمين مستقبل مالي مستقر للعميل”.
ولكن هل تقتصر مهمة شركة الصكوك الوطنية في مجال إدارة الثروات على تقديم الاستشارة المالية فقط أم تذهب أبعد من ذلك؟
يؤكد محمد صلا ح ” الصكوك الوطنية على استعداد لتقديم كل ما يحتاجه العميل فور التوجه الينا، نظرتنا لإدارة الثروات نظرة مختلفة كما قلت، ونشعر بمسؤولية كبيرة تجاه العميل وتجاه استقرار اقتصاد البلد الذي يشكل حجر الأساس في استقرار المجتمع.
وتنقسم خدماتنا في إطارها العام هنا الى قسمين:
الأول: الإدارة المباشرة والحرة للثروة حيث يوكلنا العميل بإدارة وتنمية كامل ثروته من خلال اشتراكه بأحد برامج الصكوك التي تتفق مع احتياجاته وتوجهاته.
القسم الثاني من الخدمات: توفير كافة أنواع الاستشارت والنصائح والإرشادات للعميل قبل البدء بتنمية ثروته من خلال مدير علاقات عملاء مخصص، كما توفر شركة الصكوك آلية متابعة مستمرة للعميل خلال المراحل المختلفة من استثماره”.
لشركة الصكوك الوطنية تجربة غنية في أسواق العمل الإماراتية وهي تجربة ناجحة ومتميزة حيث فازت الشركة بجوائز عديدة كان آخرها جائزة أفضل شركة لإدارة الأصول لعام 2014، وذلك خلال الحفل السنوي الثامن لتوزيع جوائز مدراء المال في الشرق الأوسط الذي أقيم على هامش منتدى استراتيجيات مدراء المال في أكتوبر 2014، ولن نتأخر بدورنا في تقديم هذه التجربة للعملاء، وتوظيفها في خدمة مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دولة الإمارات. نحن واثقون بأن هذه التجربة الناجحة وهذا التكريم الذي حظيت به شركة الصكوك الوطنية جاء نتيجة التزام الشركة بمنهج السياسات المالية والاستثمارية السليمة والصحية الملتزمة بمستقبل أفضل مبني على اقتصاد مستدام يحقق السعادة لمواطني دولة الإمارات والمقيمين على أرضها”.
كوادر:
– توفر الصكوك الوطنية كافة أنواع الاستشارات والنصائح والإرشادات للعميل قبل البدء بتنمية ثروته من خلال مدير علاقات عملاء خاص به
– قيمة الثروات الناتجة عن الأصول التراكمية للإمارات إلى نحو تريليون دولار في العام 2012 ومن المتوقع أن تصل إلى 69 .1 تريليون دولار (2 .6 تريليون درهم)
– سوق الصكوك وسوق إدارة الثروات توسع في منطقة الخليج بعد الأزمة المالية العالمية واضطرابات الأسواق التي تلتها
– شركة الصكوك الوطنية تهتم بشكل خاص بفئة الشباب والمرأة وتقدم لهم الدعم اللامحدود للمساعدة في تأسيس وإنجاح مشاريعهم الخاصة