على الرجل عندما يقرر دخول مجال العمل الجدي أن يتوقع حرباً في عالم الأعمال، حيث المنافسة وحيث يحتاج أن يصقل نفسه ويكرس تجاربه ويكد ويجتهد ليحتل مكاناً في ساحة العمل. أما المرأة فعليها بدايةً أن تشن حرباً على الخوف بداخلها. ثم حرباً جديدة على المحيط القريب والمحيط الأوسع في المجتمع، وبعدها تواجه المعتاد مما يواجهه الرجل في ساحة العمل.
كون الواقع هو كذلك بالنسبة للمرأة فإنه عندما نجد إحداهن وصلت إلى مكانة مرموقة ندرك أنها انتصرت في معارك عدة.
دخلت عالم المحاماة بالصدفة. فهي كانت تسعى دوما لأن تكون مهندسة، ولكن القدر لعب لعبته ليجعلها من الأسماء الأولى في عالم المحاماة. أحبت عائشة الطنيجي الإعلام وخاضت هذه التجربة لتكون إعلامية مميزة إلى جانب المحاماة.
كان لنا مع المحامية والإعلامية المتألقة عائشة الطنيجي لقاءاً مطولاً تحدثت فيه عن قصتها وعن وضع المرأة العاملة في الإمارات وما توفره البيئة لها وكيف تعيقها في أحيان أخرى. وتالياً نص اللقاء:
كيف دخلت عالم المحاماة؟
بعد حصولي على الشهادة الثانوية قررت دخول الجامعة و كان يجب علي أن أضع ثلاث خيارات كما هو متعارف عليه فكان أول خيار مجال الهندسة لأنه كان لدي الرغبة بدخول الهندسة المعمارية وثاني خيار هو الشريعة والقانون والخيار الثالث كان علوم سياسية أنا شخصياً فكرت باختيار التخصصات التي تناسب شخصيتي والمجال الذي أستطيع أن أحقق من خلاله ذاتي ومن حسن الصدف أتى قبولي في الشريعة والقانون على العلم بأنني خريجة علمي ولكنني كنت قد اخترت العلمي كي يكون لدي مجال أوسع في اختيار ما يناسبني من الأفرع لأنه معروف بأن الشهادة العلمية مجالاتها أوسع في البداية صدمت لأنني كنت أحب أن أدخل الهندسة المعمارية ولدي ميول فنية ومن أجل هذا وضعتها في الرغبة الأولى ولكن فيما بعد قررت ان اكمل بالقانون وتحدثت مع عائلتي ولاقى الأمر ترحيب بالنسبة لهم وقالوا لي بأنه لا يوجد أي مشكلة بالموضوع فأنت تستطيعين دخول الجامعة وأن تنقلي فيما بعد على أي تخصص تجدين نفسك به؛ وفعلا درست السنتين الأساسيتين وبعد معاشرتي لأشخاص يدرسون الشريعة والهندسة لا أدري لماذا انتابني شعور كبير من الحماسية لأكمل بالقانون وقلت بيني وبين نفسي عسى أن تكرهوا شيء وهو خير لكم. وبالفعل استمريت في مجال القانون ودرست واجتهدت واثبتت تجربتي أن اختياري فعلاً كان صحيح بدخولي مجال القانون وكان شيء جميل جدا واستمتعت بدراستي وتخرجت من الجامعة في ال 2001 – 2002 م وبعدها بدأت التدريب الخارجي الذي جعلني أشعر برهبة جعلتني أتمسك بالمهنة أكثر وخصوصا بأنه بالفترة التي تخرجت بها من الجامعة كان عدد الفتيات اللواتي درسنا القانون قليل جداً والأسماء المعروفة من النساء لا يتجاوزن أصابع اليد.
لماذا لم يكن هناك عدد من المحاميات كما تقولين؟
المهنة كانت حكرا على الرجال في تلك الفترة ولم يكن هناك ثقة بالمرأة ولا بقدراتها لتتولى الدفاع عن الناس، ولم يكن في ذاك الوقت الانفتاح الموجود حاليا ولا توجد ثقافة مجتمعية تتقبل المرأة كمحامية وكان الامر صعب لان المحاماة مهنة تتطلب الاختلاط وهذا شيء مرفوض بالنسبة للمجتمع الخليجي بشكل عام من أجل هذا الفتيات كانوا دائماً يبحثون عن اختصاصات لا يوجد بها اختلاط مثل التدريس وغيرها من المهن ؛ بعد ذلك دخلت المجال ودخل بعدنا خريجين آخرين وبعد سنوات أصبح الموضوع أكثر انتشارا حتى أن السيدات اصبحو يطلبن محاميات نساء وليس رجال لأنهن يجدن انفسهن يرتحن أكثر بالتعامل معهن، أيضا بفضل القيادة الرشيدة وتوجهاتها الحكيمة كانوا يرون بأن المرأة يجب أن تدخل مجالات عديدة و فتحوا لنا المجال وبالتالي أصبحت المرأة تدخل بمهن متنوعة فأصبحنا نرى الطبيبة والمحامية والمهندسة والقاضية ووكيلة النيابة والمأذونة الشرعية والوزيرة والسفيرة وانفتحت آفاق أمام المرأة الاماراتية وخصوصا بعد دخولها البرلمان.
الهندسة شيء والمحاماة شيء اخر كيف انت وضعت هذا الاختيارين المختلفين الاختلاف الكامل عن بعضهما؟
منذ طفولتي عندما كنت أسال عن رغبتي بالمهنة التي احب ان امارسها عندما أكبر كنت أقول أتمنى أن أكون مهندسة وكان لدي ميول للفن والفاشن والموضة وكان لدي رغبة بدخول عالم تصميم الأزياء ولكن والدي نصحني وأشار علي وقال لي:دعي الفاشن كهواية وتخصصي في شي آخر وتستطيعين من خلال الدورات الحرفية أن تصقلي مهاراتك في مجال الأزياء ..وفكرت بدخول هندسة الديكور ولكن هذا الاختصاص لم يكن موجود في ذلك الوقت فهذا ما جعلني اختار الهندسة المعمارية على الرغم من أنها كانت تطلب مجهود مضاعف وظروفي في تلك الفترة لم تكن تسمح لي ان ادخل بهذا المجال .
المحاماة مهنة صعبة فيها المحاكم والمتابعة ودوام في المكتب والتدريبات والسفر احياناً كيف تقبلت عائلتك هذا الأمر؟
عائلتي لم تمانع ابدا دخولي المحاماة وهم لم يكونوا متوقعين انني سأصل لهذه المرحلة على العلم ان امي و ابي كانا يشجعاني بدخول هذا المجال ووقفوا كثيرا الى جانبي والى الان والداي يعطياني الدفع والطاقة الايجابية لأكمل مسيرتي ولأنجح اكثر لأنهم واثقين في خياراتي ولكن انا من النوع الذي استشيرهم قبل ان اخطو اي خطوة ولكن بالنهاية اقوم بما اراه مناسب وخصوصا انا احب ان اتحدى نفسي لأنني لولا هذا لم اكن لوصلت لما أنا عليه الأن والحمدلله على كل شي.
بعد مرور هذه السنين هل تجدين نفسك بأنك حققتي طموحاتك ووصلتي للذي تريدينه؟
حققت ما أحلم به بما يقارب الخمسين بالمئة وهذا ليس تقليل من شأن الأشياء التي قمت بها ولكن لأعطي نفسي حافزا أكبر لاكمال مسيرتي ولأحقق انجازات واترك بصمة ايجابية
كيف كان ردت فعل الناس على دخولك المحاماة؟
اول ما وصلت للمحاماة بعد أن حصلت على شهادة القانون هناك الكثير من الناس احبطوني و حاولوا أن يعيقوا مسيرتي وخاصة الرجال ولكني لم التفت إلى تلك الامور ومضيت …
كامرأة كيف رأيت مهنة المحاماة؟
رأيت أن مهنة المحاماة أمر عادي مثل أي مهنة وممكن أي امرأة أن تدخل هذا المجال
كيف كانت مرحلة ما بعد التخرج ؟
لم يكن لدي استراحة المحارب كما يقولون فبعد تخرجي مباشرة دخلت مرحلة التدريب العملي ما بعد الجامعة وقررت الاختصاص الذي أريده وهناك الكثير من الأشخاص الذين يعملون بنفس الاختصاص شجعوني و وقفوا الى جانبي ومن بعدها تدربت في مكتب للمحاماة لمدة سنة ولم يكن تدريبي تدريب عادي بل كان معتمد علينا في المكتب وتدربنا على كل شيء من كتابة الى المرافعات وجميع الاجراءات القانونية وحضور اجتماعات مع موكلي المكتب وشعرت بأن هناك شيء مميز سيخرج مني وخصوصا بفترة التدريب وعملت بفترات صعبة فكنت أعمل حتى بفترة اجازات الموظفين و نحت نفسي بمرحلة التدريب وكنت أسال وأحب أن أتعلم وحضرت مؤتمرات وندوات و كنت أقرأ كثيرا و أتابع ما هو جديد وكنت أحاول أن أنوع كي أكون محامية شاملة لأن الاختصاص في نظري وخاصة في مجال عملي يحد من عالم النجاح ولا يفي بمتطلبات ومستجدات العصر .
كل شخص لديه قدوة بمهنته من كان قدوتك؟
بصراحة لم يكن لدي اي شخص محدد قدوة بهذا المجال ،ولكن كل إنسان ناجح وطموح في هذا العالم هو قدوتي بالإضافة إلى أنني أسعى دائما إلى نطوير الذاتفي كل شي ،حيث كنت اتابع مسلسلات وأفلام متخصصة بهذا المجال وكنت اطمح لأكون محامية متميزة بكل شيء يتعلق بمهنتي وكنت أسعى دوماً للتميزوما زلت ….
هل تلمذتي محامين بعد ان اصبحتي بمكتبك الخاص؟
طبعا هناك الكثير ممن تتلمذوا على يدي وهذا فخر لي واناز بحد ذاته ..
حدثينا عن موقف تعرضتي له ولن تنسيه أبداً ؟
كنت اشارك دائماً بالمحاضرات لطلبة المحاماة و أول أمر لفت انتباهي العدد الكبير الذي يدخل هذا المجال وفي احدى الدورات التي نقوم بها من خلال جمعية الامارات للمحامين والقانونيين حيث أنني أمين سر عام في الجمعية وفي فترة الاستراحة أتت لي احدى المشاركات وقالت لي أنت لا تذكريني ولكن أنا كنت احدى الطالبات التي حاضرتي بهن في جامعة الشارقة بمحاضرة «أنا والمحاماة» أنا كنت أحد هؤلاء الطالبات وأصبحتي قدوتي وأنا
أطمح لأكون عائشة الطنيجي؛ هذا شعور لن أنساه أبداً وعندما عدت للمنزل أخبرت أهلي بأنني اليوم شعرت بطعم النجاح لأنني وصلت لمرحة أنني أصبحت قدوة للبنات.
ماذا تحبين أن يأخذوا منك ؟
أحب أن يأخذوا مني جانب الطموح و بأنه لا يوجد شيء مستحيل فبالمثابرة والطموح نحقق كل مانريده ولو بعد حين .
كيف دخلتي عالم الاعلام ؟
كل من يعرفني يعتقد بأنني اعلامية لأنهم يقولون بأنني أمتلك الكاريزما التي يتمتع بها الأشخاص الذين يعملون في مجال الأعلام وفعلا أنا كنت أخطط لهذا الأمر وبحكم انني كنت أضع خطة سنوية امشي عليها في كل عام كانت فكرت الاعلام مؤجلة وخصوصا أنني كنت أطمح بان يكون لدي برنامج قانوني يكون متميز وغير مكرر وأتميز به ولكنني كنت اطل من خلال عدة برامج كضيفة وبهذا تخلصت من رهبة الكاميرا، في رمضان العام الماضي كان هناك اقتراح بترشيحي من خلال قناة الدار بأن اقدم 3 حلقات خاصة ومباشرة عن قضية التنظيم السري وفعلاً صورت الحلقات الخاصة بشهر رمضان و انتهى الموضوع ولكن بعد انتهاء رمضان وبعد فترة من الوقت تلقيت اتصال من القناة وكانت ادراة القناة تريد استمرارية البرنامج وعرضو علي أن اكون مقدمة البرنامج وبعد تفكير بالموضوع رأيت بان هذا هو البرنامج الذي كنت ابحث عنه وخصوصا أنهم اقترحوا ان يكون برنامج ليس قانوني فقط بل قانوني ثقافي اجتماعي وبالفعل بدأت بتصوير الحلقات وأسسنا فريق للإعداد وقدمنا حلقات متنوعة بالطرح والمواضيع والبرنامج مستمر الى الان والحمد لله مواضيع البرنامج كانت مواضيع متميزة .
هل هناك فكرة لتطوير البرنامج على نطاق اوسع ؟
أكيد البرنامج سيشهد تغيير كبير في الموسم القادم أن شاء الله وخاصة ان البرنامج بالرغم من عمره القصير جدا ما شاء الله فاز بالمركز الاول (الجائزة الذهبية)في مونديال القاهرة للإذاعة والتلفزيون 2013عن فئة البرامج الحوارية وهذا ما اعطاني دفعة للاستمرار.
هل من الممكن ان نراكي اعلامية ؟
الحمدلله انا حاليا اشق بدايات طريقي في الاعلام ،ولكن انا احببت ان اوظف المحاماة و الاعلام لأقدم شيء مميز ولاخدم المجتمع من خلال نشر الثقافة القانونية
كم استفدتي من الاعلام بمجال عملك؟
كثيراً وخصوصا أنه كان هناك رهبة في حضوري أمام المحكمة ولكن بعد ظهوري كإعلامية تلاشت نوعا ما هذه الرهبة وأصبحت ارتجل بدون تحضير و الان يستدعوني كإعلامية لإدارة ندوات ونسوا انني محامية.
اهم تكريم حصلتي عليه؟
أهم تكريم كان كمحامية متميزة في 2008 م كأول محامية متميزة من قبل محكمة دبي للتميز وكنت انا اول محامية تكرم ، وفي 2012 م عندما اختارتني مجلة emirates woman كأقوى عشر شخصيات نسائية اماراتية في مجال تخصصاتهن وايضا لا انسى تكريمي في اليوم العالمي للعمال لأصحاب المهن المهارية ولإنجازاتهم في مجال عملهم وايضا ما احصده من نجاحات هو تكريم لجهودي.
اين العائلة بحياتك؟
الحمدلله عائلتي من اهم الامور في حياتي وبالعكس هم الداعمون الاساسيون وأحاول ان لا يكون هناك تقصير من ناحية العائلة اما الزواج كانت الفكرة مؤجلة اما الان فلا مانع لدي من فكرة الارتباط إذا تقدم الشخص المناسب الذي يفهمني ويفهم طبيعة عملي وأن يقدر مجهودي وكفاحي طوال السنوات الماضية والآتية ان شاء الله .
هل ترين ان نجاحك وشهرتك يبعدك عن الارتباط؟
انا اتوقع ان هذه النظرة قد تغيرت 360 درجة وخصوصا اذا الرجل كان مقتنع بشخصية المرأة التي سيرتبط بها ولن يتأثر بعملها إذا كان واثقا من نفسه ومنها؛ هي مسالة وجود الشخص المناسب وخصوصا الان اصبح الخيار اصعب لأنه مع نضج الانسان يصبح الخيار وأخذ القرار اصعب نوعا ما .